کد مطلب:239492 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:160

لابد من الاعتماد علی النفس
و بعد هذا .. فان من الواضح أن المأمون كان یعلم قبل كل أحد، أنه :

لم یكن یستطیع أن یستعین فی مواجهة تلك المشاكل بالعباسیین، بنی أبیه، بعد أن كانوا ینقمون علیه، قتله أخاه، العزیز علیهم، و علی العرب، و بعد مواقفه، التی تقدم بیان جانب منها تجاههم .. و أیضا .. بعد أن كانوا لا یثقون به، و لا یأمنون جانبه، بسبب موقفهم السابق منه ..

و الأهم من ذلك أنه لم یكن فیهم الرجال الكفاة، الذین یستطیع



[ صفحه 194]



أن یعتمد علیهم [1] ، یدلنا علی ذلك أنهم بعد أن ثاروا علی المأمون، بسبب بیعته للرضا علیه السلام، لم یجدوا فیهم شخصا أعظم، و أكفأ من ابن شكلة المغنی، فبایعوه، مع أنه من أصحاب المزامیر و البرابط .. و فیه یقول دعبل :



نعر ابن شكلة بالعراق و أهله

فهفا الیه كل أطلس مائق



ان كان ابراهیم مضطلعا بها

فلتصلحن من بعده لمخارق



و لتصلحن من بعد ذاك لزلزل

و لتصلحن من بعده للمارق



أنی یكون، و لیس ذاك بكائن

یرث الخلافة فاسق عن فاسق [2] .



كما أنه عندما أصبح ابراهیم هذا خلیفة، قال بعض الأعراب، عندما جاء الخیر بأنه : لا مال عند الخلیفة لیعطی الجند، الذین ألحوا فی طلب اعطیاتهم، قال : « فلیخرج الخلیفة الینا، فلیغن لأهل هذا الجانب ثلاثة أصوات، فتكون عطاءهم، و لأهل هذا الجانب مثلها .. »

فقال فی ذلك دعبل - شاعر المأمون - یذم ابراهیم بن المهدی :



یا معشر الاجناد لا تقنطوا

خذوا عطایاكم، و لا تسخطوا



فسوف یعطیكم حنینیة

لا تدخل الكیس، و لا تربط



و المعبدیات لقوادكم

و ما بها من أحد یغبط



فهكذا یرزق أصحابه

خلیفة مصحفه الیربط [3] .



[ صفحه 195]



و اذا كان لا یستطیع أن یستعین ببنی أبیه العباسیین، فبالأخری أن لا یستطیع أن یستعین علی حل مشاكله بالعلویین، و المتشیعین لهم ؛ بعد أن كانوا هم أساس البلاء و العناء له، و الذین یخلقون له أعظم المشاكل، و یضعون فی طریق حكمه أشق العقبات..

و أما العرب : فهو أعرف الناس بحقیقة موقفهم منه ..

و الخراسانیون : لا یستطیع أن یعتمد علی ثقتهم به طویلا، بعد أن كشف لهم عن حقیقته و واقعه الانانی البشع، بقتله أخاه، و ابعاده طاهرا بن الحسین، مشید أركان حكمه، عن مسرح السیاسة : « و لقد ذكره الرضا بذلك، عندما استعرض معه حقیقة الوضع القائم آنذاك .. » . ثم هناك ما تعرضوا له من ظلم و حیف.


[1] و قد كان بينهم الكثيرون في أول عهد الدولة العباسية .. و نقصد ب « الكفاءة » هنا : الكفاءة الظاهرية، التي يقرها منطق الجبارين المتغطرسين . لا الكفاءة الحقيقية التي يريدها الله، و جاء بها محمد. و قد أشرنا الي ذلك من قبل.

[2] وفيات الأعيان، طبع سنة 1310 ه ج 1 ص 8، و الورقة لابن الجراح ص 22، و معاهد التنصيص ج 1 ص 205، و الشعر و الشعراء ص 541، و الكني و الألقاب ج 1 ص 330، و الأطلس: هو الرجل يرمي بالقبيح.

[3] معاهد التنصيص ج 1 ص 206 ،205، و شرح ميمية أبي فراس ص 281، و البداية و النهاية ج 10 ص 290، و البحار ج 49 ص 143، و الغدير ج 2 ص 377، و الأغاني ج 18 ص 68، و ص 101 طبع دار الفكر، و الورقة لابن الجراح ص 22، و نزهة الجليس ج 1 ص 404، و عيون أخبار الرضا ج 2 ص 166 . و الحنينيات : منسوبة الي حنين النجفي العبادي، المغني المشهور . و المعبديات : منسوبة الي معبد المغني المشهور . و البربط : ملهاة، و تشبه العود . و هو فارسي معرب . و أصله : بربت ؛ لأن الضارب يضعه علي صدره .. انتهي عن نزهة الجليس.